لعلّ الآثار التي مازالت تنتج عن جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19)، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، تثير قلقًا يوازي الجانب الصحي في الأزمة. حيث أن فيروس كورونا أضر تفشيه بالاقتصاد الدولي بشكل كبير، بسبب الإغلاق، وتوقف الحياة الطبيعية، ولكن! هل لعنة فيروس كورونا حلت على الجميع؟ أم هناك من استفاد من هذه الجائحة كما تضرر البعض الآخر.

في الوقت الذي تضررت فيه قطاعات اقتصادية عدة بسبب تفشي فيروس كورونا حول العالم، انتعشت قطاعات أخرى، ليتحقق المثل العربي القائل: "مصائب قوم عند قوم فوائد".
أولاً: قطاعات تحقق مكاسب بسبب فيروس كورونا
1- قطاع المواد الغذائية: استفاد هذا القطاع من حجم الشراء والرغبة في التخزين بسبب حالة الذعر، لذلك نلاحظ أن الطلب على المواد الغذائية الرئيسية أثبتت صمودها أمام أزمة كورونا.
حيث قامت الأردن بعمل إحصائية عن زيادة استفادة هذا القطاع خلال أزمة كورونا، حيث أصبحت تغطي نسبة 65% من احتياجات السوق بجودة عالية.
2- قطاع الانترنت والتجارة الإلكترونية: لا شك بأن معظمنا، منذ بدء أزمة كورونا، لجأ إلى استخدام شبكة الإنترنت ليس فقط لغايات مهنية، بل لغايات شخصية أيضاً. فلم نعتمد على الشبكة فقط لإنجاز مهام عملنا اليومية والتواصل مع فريق عملنا، بل لجأنا أيضًا إليها لشراء السلع الغذائية والبضائع الاستهلاكية عن بُعد، وذلك لتجنب الاختلاط مع الآخرين والحد من نشر الفيروس.
عدد الوظائف التي أُعلن عنها في قطاع الإنترنت والتجارة الإلكترونية ارتفعت بنسبة 18%.
3- قطاع تطوير البرمجيات: مع تزايد لجوء معظم الأشخاص حول العالم للتقنيات والبرمجيات المختلفة للتواصل وأداء مهام العمل اليومية، فقد زاد الطلب على الخبراء في مجال تطوير وهندسة البرمجيات.
عدد الوظائف التي أُعلن عنها في قطاع تطوير البرمجيات ارتفعت بنسبة 13%.
4- قطاع الخدمات اللوجستية والتوزيع: من المتوقع بأن ينمو هذا القطاع بشكل كبير في ظل أزمة كورونا، مع تزايد الحاجة لخدمات نقل وتوزيع السلع والبضائع الضرورية.
عدد الوظائف التي أُعلن عنها في قطاع التوزيع ارتفعت بنسبة 60%.
5- القطاع الصحي وشركات الأدوية: حيث أنها زادت نسبة انتاج اللقاحات بنسبة كبيرة للسيطرة على انتشار فيروس كورونا، والتجريب على انتاج أنواع دواء جديدة لمواجهة هذا الفيروس، ويعتبر هذا القطاعات من أكثر القطاعات اليت يُقدم له التمويلات الدولية، والمساعدات التي تقدر بملاين الدولارات، في سبيل حل هذه الكارثة، وإنتاج حل جذري وسريع.
6- قطاعات تصنيع القفازات والكمامات الطبية: من أهم أساليب الوقاية من هذا المرض، هي ارتداء القفازات والكمامات الطبية المدعمة. فيعتبر قطاع التغذية من أكثر القطاعات استفادة في هذه الجائحة أيضًا، بسبب زيادة الطلب الفوق طبيعي عليها. وزيادة طلب الموظفين لصناعة القفازات والكمامات.
7- قطاع الاتصالات: أدى تجنب الأفراد للمقابلات الشخصية أو الشراء من المتاجر، إلى تزايد استخدام تطبيقات الرسائل والاتصالات لتسيير الأعمال، بالإضافة إلى تطبيقات التجارة الإلكترونية لشراء احتياجاتهم.
8- قطاع التنظيف: يعتبر مثل هذا القطاع من أكثر القطاعات استفادة من هذه الجائحة، حيث أن المواد المستخدمة للتعقيمات مثل الكلور والكحول ومعقمات الأيدي والصودا الكاوية، من أكثر المواد طلبًا منذ بدء هذ الجائحة، حيث أن هناك دراسات وأبحاث لأحد الشركات المصرية لصناعة الكيماويات، حققت أرباح تقدر ب77 مليون جنيه خلال هذا العام الجاري.
ثانيًا: قطاعات سجلت أكبر الخسائر بسبب فيروس كورونا
1- قطاع السياحة: يعتبر قطاع السياحة من أهم القطاعات التي تنعش اقتصاد الدول، ولكن جائحة كورونا قلبت الموازين، وأصبح هذا القطاع تحت رحمة فيروس كورونا، حيث أنه انخفضت الرحلات الجوية بشكل كبير جدا وملحوظ، بسبب اغلاق المطارات، لأوقات طويلة، وغير معلومة الوقت.
مما يعني انخفاض عدد السياح 58%، أي ما يعادل 850 مليون سائح خلال 2020، في حين قد تهبط إيرادات السياحة العالمية بأكثر من 900 مليار دولار.
2- قطاع الطيران: لا يقل ضرر هذا القطاع عما سبقه، فكلا القطاعين مرتبطين مع بعضهما البعض، وذلك بسبب وقف النقل الجوي تحت ضغط انتشار فيروس كورونا.
3- قطاع المشاريع الصغيرة: حيث أن أصحاب المشاريع الصغيرة، شهدت خسائر فادحة، بسبب اغلاق جميع الأماكن، وشلل الحركة الطبيعية في جميع المناطق والدول.
4- قطاع الأماكن الترفيهية: مثل الحدائق والملاهي والمطاعم، شهدت أكبر إغلاق، وتعرضت للكثير من الخسائر، بسبب امتناع الناس عن زيارة مثل هذه الأماكن لما فيها من اختلاط كبير، وتجنبًا لانتشار هذا الفيروس.
5- قطاع الأموال العالمية: جائحة كورونا أجبرت الكثير من البورصات العالمية بالتوقف عن التداول، بسبب الخسائر الناجمة عن تضرر شركات عديدة.
6- قطاع التعليم: حيث أدت هذه الأزمة الى التأثير سلبياً على عملية التعليم ووضع المدارس والجامعات في أزمة مفاجأة أربكت كل الخطط والنظم التي تسير عليها العملية التعليمية مما أدى الى تكثيف البحث عن طرق الكترونية وآليات مختلفة للتعليم عن بعد، وصعوبة تقبل الطلاب لهذه الحلول البديلة وغير التقليدية خاصة في الجامعات الحكومية والكليات ذات الأعداد الكبيرة.
7- القطاع العقاري: إن الطلب حاليًا على شراء العقارات والإيجارات السكنية قد تراجع بسبب الأزمة، ولكن القطاع العقاري قادر على الانتعاش مرة أخرى في أقل وقت عن غيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى.
8- قطاع السيارات: من أبرز القطاعات المتضررة على مستوى العالم بسبب استمرار انتشار فيروس كورونا، حيث تتراجع مبيعات السيارات في العالم بنحو 12 % خلال العام الجاري.
في النهاية، على الجميع بكافة القطاعات العمل جيدا حتى في أوقات الأزمات، وإدارتها في مثل هذه الكوارث، حتى لا تحقق خسائر تدمر مسيرتها الطويلة.
لا نعلم متى ستنتهي هذه الجائحة، ولكن على ما يبدو أننا سنشهد تغيرات كبيرة في العديد من القطاعات.
Comentarios